بدر شاكر السياب.. و الفساد في العراق
29/05/2018
مقال بقلم د. قاسم ابراهيم الحسيني استاذ جامعي / محلل اقتصادي

 

مقال بقلم د. قاسم ابراهيم الحسيني

استاذ جامعي / محلل اقتصادي

 

 

(( الشمس في بلادي أجمل من سواها، والظلام..

حتى الظلام هناك أجمل، لانه يحتظن العراق))

رحم الله الشاعر المتفرّد، مُبتكر مدرسة الشعر الحُرّ.. والذي قرر في بيت شعري خالد أن كل شيء في العراق أجمل بدءاً بالشمس وختاماً بالظلام...

تُرى هذا التفرد الذي ألمح اليه السيّاب، هل يشمل الفساد!!؟؟

واذا سرنا على نفس منوال القصيدة، فهل يحقُ لنا ان نستمر بالمباهات فنقول: أن الفساد في بلادي اجمل ( أو أكثر) من سواه…. ( طبعا ممكن ان نستخدم أجمل أو أكثر أو أكبر او أفضع أو أشمل أو… وذلك حسب الضرورة الشعرية، لأن جميع هذه الالفاظ تُعبر عن الواقع.. وتبقى ضروريات القافية هي التي تتحكّم بالمصطلح.

الفساد في بلادي أغرب من سواه.. فكل " الفسادات" تُحارب من قبل الاديان، والنترك الان بقية الاديان في شأنها ( موقتاً في هذا المقال)، ونهتم بديننا الاسلامي الذ ندين به حاليا..

فأنه " الدين الاسلامي" يحرم الفساد، ويكره المفسدين ويصفهم بالخاسربن، ويشدد على إحباط عملهم، ويوعدهم بالخزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة عذابٌ عظيم…

فموقف الاسلام واضح في ذلك كوضوح الوشم في ظاهر اليّد.

الغرابة هنا أن العراق اصبح غارقاً حدّ النخاع في الفساد، في الوقت الذ يتقاسم فيه السلطة جناحين يطيران بقوة السلام.. كل جناح ينتمى لأعرق المذاهب الاسلامية، الأول يمثل المذهب الشيعي ( الذي يستند بموروثه الى آل بيت النبي، والذين هم لم تشبهم شائبة عبر التاريخ) والجناح الثاني ينهل من المذهب السُني ( والذي يستند الى سُنة النبي ص ويقتدي بأصحابه، وهم كلنجوم، بمن اقتيديتم اهتديتم).

يقود الجناح الاول/ حزب الدعوى ( الدعوى للاسلام طبعا)، ويقود الفريق الثاني/ الحزب الاسلامي، ( لأسم واضح).

أما العلمانيون ولا دينيون (أن وجدو) فهم لايشكلون نسبة خمسة بالمئة من اجمالي المشاركين في مواقع المسؤلية الاولى في الحكم.

فالكل ( المسؤلين في السلطة) هُم من مقيمي الصلاة والمحافضين عليها، وكلٌ حسب طريقته، الشيعي يحرص على " تسبيل" يديه وذلك التزاما بنهج الأّمة الاطهار، والسُني يحرص على "تجتيف" يديه اثناء الصلاة التزاماً منه بنهج الصحابة الأطهار.

والكل يحرص على اقامة شعائر المذهب فالأول يخدق الاموال ويبذل الغالي والنفيس في أحياء شعائر ومراسم الزيارات ويغلق الشوارع ويسد الساحات.

والفريق الثاني يُبرز قوته في إحياء ذكرى مولد النبي ص ويغدق الاموال ويبذل المجهود، ويغلق الاعظمية، ويُوعز لجماعاته أن يأتوا مشياً الى ابو حنيفة النعمان، محاولا للتشبه بالفريق الاول الذي دائما ما يذهب مشيا لمراقده المقدسة.

وبين التقديس والمشي وإحياء الشعائر واقامة الصلاة وعدم حلق الّحى بالشفرة ( من قبل الصف الاول من الحكومة)..

وبين كل هذه التمسّكات والالتزامات الدينية ينتشر الفساد ويعم ويطاول حتى صعد بالعراق الى المراتب الأولى ( إن لم يكن الاول) في مراتب الدول الفاسدة في العالم.

أليس الفساد في بلادي أجمل من سواه!!!؟؟؟ . / انتهى /